كانت لطمة القدر قوية على قلبي وعلى نفسي ربما كان الموقف اكبر من الوصف
لكن هذه الحقيقة البصر يشع من اعيننا ويتقده امامه ضرير ، نصطف خلف هذا
الضرير في سكون وخشوع تام ، تفطر قلبي الما مما يترتل في مسمعي وينساب
بصوت العاشق في صلاة الفجر عاشق .. عشق حب الجهاد وحب الدعوة ،
نعم كانت اللطمة قوية من هذا الواقع بل القدر المر.. نقف خلف الضرير
ويؤم بنا صلاة الفجر يقرأ ... بصوته الندي الذي ارهقه الخشوع ايات سورة
يوسف ... تلك الايات التي تعطرت من فم سيدنا يوسف :: السجن أحب إلي
يا ربي ... تمسمرت دمعة لواقع هذا الضرير الذي لم يهتم لبصره .. ربما
لأن الله ابصر قلبه على نور الله .. يحمل هم الدين وهم الدعوة رغم فقده بصره ..
نرجع قليلا للوراء الى حيث قدوم هذا الرجل الذي هز بضرره اركان السجن
احسبه والله اسدأ عندما يواجه السجان بكلماته التي يقشعر له بدني ..
ربما كانت علاقتي به تختلف عن باقي من حوله .. أحببته في الله ..
نرجع الان ليوم قدومه الى القسم الذي اعيش به ...
في صبيحة يوم الاثنين .... كننا نتلاعب الرياضة التي تضفي على الجسم الرشاقة
عند اولى ساعات شروق الشمس ... فاذا ببوابه السجن تعلن ان هناك من دق مفاصلها
للدخول ... تمسمرنا باماكننا .. تلاحقت نظراتي خلف نظرات اخواني ونتصفح ذلك الوجه القادم
من خلف الاسلاك وقضبان السجن ... يا رباه انه كبير بالسن .. يمسكون به من الامام
بعكس الاخرين الذين كانوأ امامهم ... فتحت البوابة التي كنت انتظر بفارغ الصبر لاخرج منها الى
حيث اهلي ... لكن طرقات السنون طويلة خلف هذه القضبان ... ادخلوا ذلك الوجه الكريم
الى حيث موقفنا استقبلناه بالعناق .. وبالوجه الباسم .. جاء دوري للسلام عليه ولمعانقته
وتمني السلامة له ... شعرت كأن شيء دق بقلبي ... ما هذا شعور لم يعرف مصدره
مسمرت بجانبه وتصفحت صفيحة وجهه الباسم .. هو يتبسم يلبس نظارات سوداء
همس بجانبي قائلا : يا طيب ارشدني لدورة المياه ... فكانت اجابتي اسرع من الخيال
وقلت اتبعني يا ضيفنا .. فهمس باذني قائلا .. امسك يدي ... تعجبت من طلبه
فرددت بههمسة لامسة قلبه ...ماذا يا عمي .... فقال ... ضاحكا ... ابصر لي الطريق
فحينها ما كان مني الا الذهول لهذا الاسد ... فردة الفعل كانت غير ما وصفت
فرددت على عجالة .. أضرير انت ... فهمس ضاحكا نعم يا طيب ...
فحنوت على يده مصافحا وتلفت يمنة ويسرى خوفا عليه من درجات دورة المياه
وادخلته ... فبقيت خارجا بعدما اطمئننت لهدوءه ...
بعد قليل طرق لي الباب حتى أخرجه ... ففتحت له الباب ... ووجهته الى حيث المغسلة
ودللته الى الماء وبقيت امسك له المنشفة ... انتهى من وضوءه .. فالتفت لي وقال :
نظارتي ؟؟؟ فتلعت بها على عينيه .. وأرى الابتسامة من ثغره الباسم ...
توجهت به الى الخيمة .... وهو طلب ان يعيش عند ابناء حركة المقاومة الاسلامية _حماس
وهناك اجلسته على برشي والبرش هو السرير... وجلس وطلب مني يريد ان يصللي الضحى
فقبلت له السجادة الى القبلة وامسكته ووجهته الى القبلة ... وبدأ صلاته ... وأنا اتناظر الى وجهه
والى صلاته ... هو في صلاة ساكنه ... جائني بعض الاخوة يسألون عن الجديد ...
اما باقي الاسرى فهم في نيام .. وفي سكون كل شخص تجمد على سريره لم تحن ساعة الايقاظ
قالوا لي الاخوان متسائلين :: هل هو ضرير ؟؟؟ فهمس لهم نعم ... واخرجو كلمات الشفقى على حاله
واحواله ...انتهى الضرير من صلاته وهمس علي بصوت بسيط ... فرددت بسرعة عليه ..
انهضته عن سجادة الصلاة واجلسته على سريري ... فقال لي بنبرة حزينة ... ارجو ان لا اثقل عليك
فرددتها بسرعة لا يا عمي انت بقدر والدي ... فقال بهم كبير ... اني تعب من ليلة الاعتقال ..
فتاسرعت في لملمة اغراضي وجهزت له السرير... واستلقى .. والقيت عليه الفراش
وهممت بالابتعاد عنه ... فامسك ببنطالي .. قائلا .. ارجو شربة ماء ...
فاسرعت ... الى حيث مكوث الماء .. واحضرت له الاناء فشرب وارتوى وتلقيت منه الاناء
بمقولتي هنيئا ... فردها اسقاك الله من حوض رسوله ... فتبسمت لدعوته ..
وتوسد برأسه الوسادة واستلقى ... وغط في نوم عميق ....
هنا انتهى حبر قلمي ....
باذن الله ينتزود بهمة جديدة حتى نكمل لكم حياة الضرير وكيف هز اركان السجن ببصيرته ...
ان شاء الله سنكمل عمما قريب
وجزاكم الله كل خير
بقلم سيف فلسطين من سلسة حياة اسير
هناك تعليقان (2):
السلام عليكم
دائما مبدع بكلماتك التي تنساب بسهولة من قلمك الفياض و اسمح لي أن اعترض على مقولة من خلف القضبان بأنهم اسرى بل هم الطلقاء الاحرار و نحن الاسرى و لكن لا نعرف المقام
تحياتي لقلم طالما امدنا بفيض المشاعر الصادقة
اختك في الله حور
ماشاء الله ابدعت بجد ببهادا الشعر الله يوفأك والى الامام ان شاء الله ..!!
إرسال تعليق